نظرة‭ ‬على‭ ‬اللوحات‭ ‬الفنية‭ ‬والرسوم‭ ‬في‭ ‬بناية‭ ‬مؤسسة‭ ‬الجالية‭ ‬الكلدانية

بقلم‭ ‬د‭ ‬عضيد‭ ‬ميري

عند‭ ‬زيارة‭ ‬مؤسسة‭ ‬الجالية‭ ‬الكلدانية‭ ‬تتصدر‭ ‬جدران‭ ‬البناية‭ ‬وترحب‭ ‬بكم‭ ‬لوحات‭ ‬فنية‭ ‬ورسوم‭ ‬بابلية‭ ‬وأخرى‭ ‬اكدية‭ ‬وسومرية‭ ‬مثل‭ ‬أسد‭ ‬بابل‭ ‬وشجرة‭ ‬الحياة‭ ‬وبوابة‭ ‬عشتار‭ ‬وأوائل‭ ‬المفكرين‭ ‬والمؤثرين‭ ‬والأقدمين‭ ‬لتُذكر‭ ‬الزوار‭ ‬بجذورنا‭ ‬التأريخية‭ ‬وتعكس‭ ‬مدى‭ ‬وعمق‭ ‬عمرنا‭ ‬الحضاري‭ ‬واعتزازنا‭ ‬بأصولنا‭ ‬التراثية‭ ‬رغم‭ ‬بعدنا‭ ‬الجغرافي‭ ‬عن‭ ‬جذورنا‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬الرافدين،‭ ‬ومن‭ ‬ضمن‭ ‬هذه‭ ‬المعالم‭ ‬الفنية‭ ‬يقف‭ ‬شامخاً‭ ‬التنين‭ ‬البابلي‭ ‬سيروش‭ (‬موسوشو‭ ‬او‭ ‬موشوخوشو‭) ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬بطل‭ ‬مقالتنا‭ ‬هذه‭ ‬لمكانته‭ ‬في‭ ‬اساطير‭ ‬بلاد‭ ‬الرافدين‭ ‬والفولكلور‭ ‬المحلي‭ ‬والكلمات‭ ‬المحكية‭ ‬الخاصة‭ ‬بالعراقيين‭ ‬فقط‭ ‬كمثل‭ (‬مو،‭ ‬وخوش،‭ ‬وموخوش‭).‬

التنين‭ ‬البابلي‭ ‬ألإسطوري‭ ‬مُوشو‭ ‬خُوشو

موشوسو،‭ ‬موشخوشو‭ ‬أو‭ ‬موشوخوشو‭ ‬يُقرأ‭ ‬ويُعرف‭ ‬ايضاً‭ (‬سيرّوشو‭ ‬أو‭ ‬سيرّوش‭) ‬وهو‭ ‬مخلوق‭ ‬من‭ ‬أساطير‭ ‬بلاد‭ ‬الرافدين‭ ‬القديمة‭ ‬ويُمثل‭ ‬هجين‭ ‬أسطوري،‭ ‬وتم‭ ‬وصف‭ ‬موشخوشو‭ ‬كوحش‭ ‬له‭ ‬رقبة‭ ‬طويلة‭ ‬ورأس‭ ‬أفعى‭ ‬بقرنين‭ ‬ولِسان‭ ‬حيّة‭ ‬يتدلى‭ ‬إلى‭ ‬الخارج،‭ ‬وجسم‭ ‬مُغطى‭ ‬بحراشف‭ ‬أفعى،‭ ‬وقائمتان‭ ‬أماميتان‭ ‬تبرز‭ ‬منهما‭ ‬مخالب‭ ‬أسد،‭ ‬وقائمتان‭ ‬خلفيتان‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬مخالب‭ ‬نسر،‭ ‬مع‭ ‬ذيل‭ ‬ينتهي‭ ‬بإبرة‭ ‬عقرب‭. ‬

‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الحيوان‭ ‬الأسطوري‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ (‬الماء‭) ‬وفي‭ (‬الجو‭) ‬وفي‭ (‬البر‭) ‬كما‭ ‬تعيش‭ ‬الأسماك‭ ‬والنسور‭ ‬والأسود‭ ‬وقد‭ ‬يوحي‭ ‬لنا‭ ‬هذا‭ ‬الحيوان‭ ‬الأسطوري‭ ‬الهجين‭ ‬انه‭ ‬من‭ ‬حيوانات‭ ‬الجو‭ ‬والبر‭ ‬والماء‭ ‬ونتيجة‭ (‬هندسة‭ ‬وراثية‭) ‬قام‭ ‬بها‭ ‬علماء‭ ‬بابل‭ ‬والسباقين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العِلم‭ ‬وعلومهِ‭.‬

وموشوخوشو‭ - ‬هو‭ ‬التنين‭ ‬الأحمر‭ ‬الناري‭ ‬الغاضب،‭ ‬أو‭ ‬الحية‭ ‬الحمراء‭ ‬السومرية‭ (‬موش‭ ‬خوش‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬الكائنات‭ ‬المُرعبة‭ ‬التي‭ ‬خلقتها‭ (‬تيامات‭ ‬أو‭ ‬تعامات‭) ‬لتحارب‭ ‬بها‭ ‬الآلهة‭ ‬الذكور‭ ‬في‭ ‬أُسطورة‭ ‬قصة‭ ‬الخليقة،‭ ‬لكن‭ ‬الإله‭ ‬البابلي‭ (‬مردوخ‭) ‬وبعد‭ ‬انتصاره‭ ‬على‭ ‬تيامات‭ ‬اتخذ‭ ‬من‭ ‬موشوخوشو‭ ‬تابعاً‭ ‬ودابة‭ ‬وشعاراً‭ ‬له‭.‬

يعتبر‭ ‬هذا‭ ‬المجسم‭ ‬أقدم‭ ‬تصوير‭ ‬لشكل‭ ‬التنين‭ ‬بالتاريخ‭ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬نحت‭ ‬الشكل‭ ‬على‭ ‬بوابة‭ ‬عشتار،‭ ‬وربما‭ ‬أن‭ ‬الأصل‭ ‬الأسطوري‭ ‬لفكرة‭ ‬التنين‭ ‬كانت‭ ‬بابلية‭ ‬وانتقلت‭ ‬إلى‭ ‬باقي‭ ‬الحضارات‭ ‬مثلما‭ ‬انتقلت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأشياء،‭ ‬ومنه‭ ‬تتداول‭ ‬اللهجة‭ ‬العراقية‭ ‬مفردة‭ (‬موش‭ ‬خوش‭ ‬أو‭ ‬مو‭ ‬خوش‭) ‬التي‭ ‬تُقال‭ ‬عند‭ ‬سماع‭ ‬امر‭ ‬جلل،‭ ‬او‭ ‬التخوف‭ ‬من‭ ‬حادث‭ ‬قريب‭ ‬الوقوع‭. ‬واصل‭ ‬الكلمة‭ ‬يأتينا‭ ‬من‭ ‬اللغة‭ ‬الاكدية‭ ‬وتتكون‭ ‬من‭ ‬شطرين‭ (‬موش‭ = ‬ثعبان‭ ‬و‭ (‬خوشو‭= ‬عظيم‭) ‬وتترجم‭ ‬أحياناً‭ ‬إلى‭ (‬الثعبان‭ ‬العنيف‭) ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يعد‭ ‬مقدساً‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬الرافدين‭ ‬لارتباطه‭ ‬بالإله‭ ‬مردوخ‭.‬

وصور‭ ‬هذا‭ ‬التنين‭ ‬موجودة‭ ‬بوضوح‭ ‬في‭ ‬نحت‭ ‬من‭ ‬الطابوق‭ ‬المُزَجَج‭ ‬على‭ ‬بوابة‭ ‬عشتار‭ ‬وعلى‭ ‬جانِبَي‭ ‬شارع‭ ‬الموكب‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬بابل‭ ‬ويعود‭ ‬إلى‭ ‬القرن‭ ‬السادس‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كونه‭ ‬لا‭ ‬يشبه‭ ‬كائنا‭ ‬حقيقيا،‭ ‬إلاّ‭ ‬إنّ‭ ‬البعض‭ ‬يجادل‭ ‬في‭ ‬كونه‭ ‬كائن‭ ‬حقيقي‭. ‬

‭ ‬نُحِتَ‭ ‬مُجَسّم‭ ‬هذا‭ ‬التنين‭ ‬الأسطوري‭ ‬على‭ ‬بوابة‭ ‬عشتار‭ ‬ويعتبر‭ ‬أقدم‭ ‬تصوير‭ ‬لشكل‭ ‬التنين‭ ‬بالتاريخ‭ ‬وربما‭ ‬تذكرنا‭ ‬بوابة‭ ‬عشتار‭ ‬بهذا‭ ‬الحيوان‭ ‬الهجين‭ ‬الأسطوري‭ ‬وبأن‭ ‬فكرة‭ ‬التنين‭ ‬كانت‭ ‬بابلية‭ ‬الأصل‭ ‬وانتقلت‭ ‬إلى‭ ‬باقي‭ ‬الحضارات‭ ‬مثلما‭ ‬انتقلت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأشياء‭ ‬والرموز‭ ‬المتداولة‭ ‬اليوم‭ ‬وكانت‭ ‬له‭ ‬وظيفة‭ ‬وقائية‭ ‬ضد‭ ‬العفاريت‭ ‬والمخلوقات‭ ‬الغريبة‭ ‬التي‭ ‬تحاول‭ ‬اقتحام‭ ‬المدينة‭ ‬ولذلك‭ ‬يوضع‭ ‬على‭ ‬جدران‭ ‬أبوابها‭ ‬وبالأخَصِّ‭ (‬باب‭ ‬عشتار‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬بوظيفته‭ ‬هذه‭ ‬يُحاكِي‭ ‬عَمَلَ‭ ‬الثورِ‭ ‬المُجَنَّح‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬بلاد‭ ‬آشُور‭ (‬شمال‭ ‬العراق‭).‬

التنين‭ ‬في‭ ‬أساطير‭ ‬ميزوبوتاميا‭ ‬

تتحدَّث‭ ‬إحدى‭ ‬الأساطير‭ ‬في‭ ‬ميزوبوتاميا‭ ‬عن‭ ‬وحش‭ ‬جبار‭ ‬يُدعى‭ (‬اللابو‭)‬،‭ ‬ويقال‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬الوحش‭ ‬خرج‭ ‬من‭ ‬الأعماق‭ ‬المائية‭ ‬إلى‭ ‬ديار‭ ‬الحضارة‭ ‬محاوِلًا‭ ‬تدمير‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬بناه‭ ‬الإنسان،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ينجح‭ ‬أحد‭ ‬الآلهة‭ ‬في‭ ‬القضاء‭ ‬عليه‭. ‬

وينطبق‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأسطورة‭ ‬التفسير‭ ‬العام‭ ‬بأن‭ ‬التنين‭ ‬هنا‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬نتاج‭ ‬القوى‭ ‬البدائية‭ ‬السابقة‭ ‬لتنظيم‭ ‬الكون،‭ ‬دفعَت‭ ‬به‭ ‬المياه‭ ‬التي‭ ‬ترمز‭ ‬في‭ ‬الأسطورة‭ ‬لقوى‭ ‬الأعماق‭ ‬والفوضى‭ ‬إلى‭ ‬الكون‭ ‬المرتب‭ ‬لزعزعة‭ ‬بنيانه‭ ‬وإعادته‭ ‬إلى‭ ‬حالته‭ ‬السابقة‭. ‬كما‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬النص‭ ‬تفسير‭ ‬للأسطورة‭ ‬باعتبارها‭ ‬مغامرةً‭ ‬للعقل‭ ‬الباحث‭ ‬عن‭ ‬الأسباب‭ ‬والغايات،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬جزئها‭ ‬الخاص‭ ‬بشكل‭ ‬التنين‭.‬

‭ ‬فعندما‭ ‬أتى‭ (‬إنليل‭) ‬لشرح‭ ‬خطة‭ ‬المعركة‭ ‬للآلهة،‭ ‬قام‭ ‬برسم‭ ‬شكل‭ (‬اللابو‭) ‬في‭ ‬السماء،‭ ‬ليوضِّح‭ ‬عظمته‭ ‬وقوته،‭ ‬فكان‭ ‬درب‭ ‬المجرة‭ ‬الذي‭ ‬يقطع‭ ‬السماء‭ ‬المعتمة‭ ‬من‭ ‬أقصاها‭ ‬إلى‭ ‬أقصاها‭. ‬وقد‭ ‬بقي‭ ‬ذلك‭ ‬الرسم‭ ‬محفورًا‭ ‬في‭ ‬العالي‭ ‬إلى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭. ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬الأسطورة‭ ‬التفسير‭ ‬الذي‭ ‬يؤكِّد‭ ‬أن‭ ‬التنين‭ ‬ليس‭ ‬إلا‭ ‬قوى‭ ‬اللاشعور‭ ‬المكبوتة؛‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ (‬اللابو‭) ‬قد‭ ‬اندفع‭ ‬من‭ ‬أعماق‭ ‬المياه‭ ‬التي‭ ‬ترمز‭ ‬إلى‭ ‬أغوار‭ ‬اللاشعور‭ ‬في‭ ‬الأسطورة‭.‬

وإنليل،‭ ‬عُرف‭ ‬لاحقًا‭ ‬باسم‭ (‬إليل‭)‬،‭ ‬هو‭ ‬إله‭ ‬سومري‭ ‬قديم،‭ ‬ويُعتبر‭ ‬إله‭ ‬الرياح،‭ ‬والهواء،‭ ‬والأرض،‭ ‬والعواصف‭. ‬اعتُبر‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬رئيس‭ ‬آلهة‭ ‬البانثيون‭ ‬السومري،‭ ‬وعبده‭ ‬الأكاديون‭ ‬والبابليون‭ ‬والآشوريون‭ ‬والحواريون‭ ‬لاحقًا‭. ‬كان‭ ‬معبد‭ ‬إكور‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬نيبور‭ ‬مركز‭ ‬عبادة‭ ‬الإله‭ ‬الرئيس‭ ‬إنليل،‭ ‬واعتُقد‭ ‬أن‭ ‬إنليل‭ ‬بنى‭ ‬معبده‭ ‬بنفسه‭ ‬واعتُبر‭ (‬الحبل‭ ‬الرابط‭) ‬بين‭ ‬الأرض‭ ‬والسماء‭. ‬يُشار‭ ‬إلى‭ ‬إنليل‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬النصوص‭ ‬السومرية‭ (‬بـ‭ ‬نونا‭ ‬منير‭). ‬وفقًا‭ ‬لإحدى‭ ‬الأناشيد‭ ‬الملحمية‭ ‬السومرية،‭ ‬كان‭ ‬إنليل‭ ‬مقدسًا‭ ‬لدرجة‭ ‬شديدة،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬الآلهة‭ ‬الأخرى‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬النظر‭ ‬إليه‭.‬

أصل‭ ‬التسمية

السيروش‭ - ‬أو‭ ‬الموش‭ ‬خوش‭ - ‬أو‭ ‬مردوخ‭ (‬التنين‭ ‬الخرافي‭) ‬كما‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬الرموز‭ ‬البابلية‭ ‬وأصل‭ ‬الكلمة‭ ‬والاسم‭ ‬سيروش‭ ‬مشتق‭ ‬من‭ ‬كلمة‭ ‬سومرية‭ - ‬أكدية‭ ‬قد‭ ‬تترجم‭ ‬إلى‭ ‬الثعبان‭ ‬العظيم‭ ‬أو‭ ‬المهيب‭. ‬ومعناه‭ (‬الأفعى‭ ‬الحمراء‭) ‬يترجم‭ ‬أحياناً‭ ‬إلى‭ (‬الثعبان‭ ‬العنيف‭) ‬أو‭ (‬الثعبان‭ ‬المريع‭) ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬المصطلح‭ ‬السومري‭ ‬لـ‭ (‬الثعبان‭). ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬ترجمتها‭ ‬إلى‭ ‬موش‭ ‬خوش‭ ‬فإن‭ ‬الباحثين‭ ‬الأوائل‭ ‬اخطأُوا‭ ‬قراءتها‭ ‬بالشكل‭ ‬سيرروشّو،‭ ‬وهذه‭ ‬هي‭ ‬الأكثر‭ ‬شيوعا‭ ‬اليوم،‭ ‬ولكن‭ ‬التسمية‭ ‬وردت‭ ‬بالصيغة‭ ‬السومرية‭ ‬في‭ ‬القواميس‭ ‬المعتمدة‭ (‬موش‭ ‬خوش‭) ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬الكلمة‭ ‬تستخدم‭ ‬بين‭ ‬العراقيين‭ ‬عندما‭ ‬يقولون‭ (‬مو‭ ‬خوش‭ ‬سالفه‭) ‬التي‭ ‬هي‭ ‬مشتقه‭ ‬من‭ ‬لفظه‭ ‬سومريه‭ ‬الأصل‭.‬

والأغلبية‭ ‬يطلقون‭ ‬عليه‭ ‬الاله‭ ‬مردوخ‭ (‬كبير‭ ‬الإلهة‭) ‬في‭ ‬بابل‭ ‬

‏MUŠ‭ = ‬snake HUŠ‭ = ‬terrifying‭, ‬fierce

حية‭ + ‬مرعبة

مفردات‭ ‬عراقية‭ (‬مو‭) ‬و‭ (‬خوش‭) ‬و‭(‬مو‭ ‬خوش‭)‬

‭ ‬يستعمل‭ ‬العراقيون‭ ‬مفردة‭ (‬مو‭ ‬خوش‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬خوش‭) ‬عند‭ ‬الاعتراض‭ ‬على‭ ‬امر‭ ‬ما‭ (‬مو‭ ‬خوش‭ ‬سالفة‭) ‬او‭ ‬سماع‭ ‬أمر‭ ‬جلل‭ (‬مو‭ ‬خوش‭ ‬خبر‭)‬،‭ ‬أو‭ ‬التخوف‭ ‬من‭ ‬وقوع‭ ‬حادث‭ ‬حصل‭ ‬او‭ ‬قد‭ ‬يقع‭ (‬مو‭ ‬خوش‭ ‬مصيبة‭). ‬أصل‭ ‬الكلمة‭ ‬بابلية‭ ‬وكانت‭ ‬تطلق‭ ‬على‭ ‬مخلوق‭ ‬أسطوري‭ ‬يشبه‭ ‬التنين‭ ‬أو‭ ‬الديناصور‭ ‬المنقرض‭ ‬وكان‭ ‬حيوانًا‭ ‬مرافقًا‭ ‬للإله‭ ‬الأكبر‭ ‬عند‭ ‬البابليين‭ (‬مردوخ‭) ‬ويظهر‭ ‬في‭ ‬المنحوتات‭ ‬يعتليه‭ ‬الإله‭ (‬نابو‭) ‬ربُّ‭ ‬الكتابة‭ ‬والحكمة‭ ‬ويُعَدُّ‭ ‬رَمزًا‭ ‬له‭.‬

مفردة‭ (‬مو‭) - ‬في‭ ‬اللهجة‭ ‬العراقية

‭(‬مو‭) ‬–‭ ‬من‭ ‬بقايا‭ ‬التراث‭ ‬اللغوي‭ ‬السومري‭ ‬وهي‭ ‬أداة‭ ‬الجملة‭ ‬الفعلية‭ ‬السومرية‭ ‬التي‭ ‬تبتدئ‭ ‬بها‭ ‬أي‭ ‬جملة،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لجملة‭ ‬سومرية‭ ‬فيها‭ ‬فعل‭ ‬أن‭ ‬تتكون‭ ‬إلا‭ ‬باستخدام‭ (‬مو‭) ‬في‭ ‬بدايتها‭. ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬الكلمات‭ ‬السومرية‭ ‬اختفت،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ (‬مو‭) ‬بقيت‭ ‬صامدة،‭ ‬والكلمة‭ ‬قديمة‭ ‬جداً‭ ‬ونجدها‭ ‬مستخدمة‭ ‬ايضاً‭ ‬بالسريانية‭ ‬الفصحى‭ ‬وحسب‭ ‬القاموس‭ ‬السرياني‭ ‬أداة‭ ‬“مو”‭ ‬تعني‭ (‬ما‭ - ‬ماذا‭ - ‬كم‭) ‬وتستخدم‭ ‬بمعنى‭ (‬هل‭)‬،‭ ‬ونجدها‭ ‬كذلك‭ ‬موجودة‭ ‬وبنفس‭ ‬المعنى‭ ‬في‭ ‬اللغة‭ ‬التركية‭ ‬واللهجة‭ ‬السورية،‭ ‬ويستخدم‭ ‬العراقيين‭ ‬هذه‭ ‬المفردة‭ ‬كثيراً‭ ‬في‭ ‬لهجتهم‭ ‬الشعبية،‭ ‬ولها‭ ‬عدة‭ ‬معاني‭ ‬واستخدامات‭ ‬فمثلا‭: ‬

1-‭ ‬مو‭ ‬النافية‭: ‬بمعنى‭ (‬انت‭ ‬كسرت‭ ‬الإستكان؟‭ ‬لا‭ ‬والله‭ ‬مو‭ ‬أني‭) ‬أو‭ (‬مو‭ ‬مني‭ ‬كل‭ ‬الصوچ‭ ‬من‭ ‬هلي‭ ‬والله‭)‬

2-‭ ‬مو‭ ‬الناهية‭: ‬بمعنى‭ ‬لا‭ (‬مو‭ ‬تطلع‭ ‬للشارع‭ ‬وحدك‭) ‬او‭ (‬مو‭ ‬تشغّل‭ ‬المبردة‭ ‬بلا‭ ‬مايّ‭ ‬تره‭ ‬أبوك‭ ‬أحركه‭)‬

3-‭ ‬مو‭ ‬الاستفهامية‭: ‬بمعنى‭ ‬أليس‭ ‬كذلك‭ (‬كًظينه‭ ‬عُمرنه‭ ‬حروب‭ ‬مو‭ ‬بالله؟‭) ‬أو‭ (‬عمرنا‭ ‬راح‭ ‬يخلص‭ ‬مولدة‭ ‬لو‭ ‬وطنية‭...‬مو‭ ‬بالله؟‭)‬

4-‭ ‬مو‭ ‬السببية‭: ‬بمعنى‭ ‬لأن‭ (‬الأب‭: ‬ابني‭ ‬ليش‭ ‬لي‭ ‬هسه‭ ‬ما‭ ‬جايب‭ ‬صمون؟‭ ‬الابن‭: ‬يابه‭ ‬مو‭ ‬الفرن‭ ‬معزل‭ ‬اليوم‭)‬

‭ ‬5-‭ ‬مو‭ ‬الظرفية‭: ‬بمعنى‭ ‬عندما‭ (‬مو‭ ‬حتروح‭ ‬للمحل‭ ... ‬إشتري‭ ‬بيض‭ ‬بدربك‭)‬

6-‭ ‬مو‭ ‬التوبيخية‭: (‬مو‭ ‬كتلك‭ ‬جم‭ ‬مرة‭ ‬لا‭ ‬تأكل‭ ‬هواية‭)‬

7-‭ ‬مو‭ ‬التحذيرية‭: ‬بمعنى‭ ‬لكن‭ ‬او‭ ‬فقط‭ (‬مو‭ ‬كتلك‭ ‬نزيزة‭ ‬الكاع‭ ‬وغيوم‭ ‬الصيف‭ ‬جذابة‭ ‬ولا‭ ‬تمطر‭) ‬او‭ (‬مو‭ ‬اعرفك‭ ‬تشلع‭ ‬القلب‭ ‬وإلا‭ ‬چان‭ ‬بعتلك‭ ‬سيارتي‭).‬

كلمة‭ (‬خوش‭) - ‬في‭ ‬اللهجة‭ ‬العراقية

عندما‭ ‬تطلب‭ ‬من‭ ‬محرك‭ ‬كًوكًل‭ ‬ترجمة‭ ‬حرفية‭ ‬لكلمة‭ ‬خوش‭ ‬عن‭ ‬العربية‭ ‬يخبرك‭ ‬بأنه‭ ‬يترجمها‭ ‬عن‭ ‬اللغة‭ ‬الأوردية‭ ‬بكلمة‭ (‬جيد‭) ‬ويبدو‭ ‬أنها‭ ‬دخلت‭ ‬الفارسية‭ ‬والكردية‭ ‬وعبرت‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬بمعنى‭ ‬جيد‭ ‬أيضاً‭.‬

وفي‭ ‬العراق‭ ‬تطلق‭ ‬خوش‭ ‬بمعنى‭ ‬جيد‭ ‬على‭ ‬البشر،‭ ‬خوش‭ ‬رجال،‭ ‬خوش‭ ‬ولد،‭ ‬خوش‭ ‬مَرّه،‭ ‬وعلى‭ ‬الفاكهة‭ ‬والخضروات؛‭ ‬خوش‭ ‬تفاح،‭ ‬خوش‭ ‬بصل،‭ ‬خوش‭ ‬ركًية،‭ ‬وعلى‭ ‬الأشياء‭ ‬خوش‭ ‬بيت،‭ ‬خوش‭ ‬أثاث،‭ ‬خوش‭ ‬حديقة‭ ‬وعلى‭ ‬الحيوانات؛‭ ‬خوش‭ ‬حصان،‭ ‬خوش‭ ‬بقرة،‭ ‬خوش‭ ‬طلي‭.‬

وكلمة‭ (‬خوش‭) ‬تُنفى‭ ‬عند‭ ‬إضافة‭ (‬مو‭) ‬أمامها‭ ‬لتصبح‭ (‬موخوش‭) ‬أي‭ ‬غير‭ ‬جيد‭ ‬وبالإمكان‭ ‬إطلاقها‭ ‬على‭ ‬المسميات‭ ‬أعلاه‭.  ‬وبإمكانك‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬وتستمتع‭ ‬بسماع‭ ‬جميع‭ ‬هذه‭ ‬الكلمات‭ (‬مو‭) ‬و‭(‬خوش‭) ‬و‭(‬موخوش‭) ‬بمعانيها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الأغنية‭ ‬العراقية‭ ‬التراثية‭ ‬لحضيري‭ ‬أبو‭ ‬عزيز‭ (‬عمّي‭ ‬يا‭ ‬بياع‭ ‬الورد‭):‬

عمي‭ ‬يا‭ ‬بياع‭ ‬الورد‭ ... ‬كًلي‭ ‬الورد‭ ‬بيش‭.. ‬كًلي

بالك‭ ‬تدوس‭ ‬على‭ ‬الورد‭ ... ‬وتساوي‭ ‬خِلّه‭.. ‬خِلّه

باجر‭ ‬يصير‭ ‬احساب‭ ‬يُبه‭ ... ‬لله‭ ‬شتكًوله‭.. ‬لله

والمر‭ ‬يا‭ ‬هل‭ ‬المخلوق‭ ‬ترى‭.. ‬لأجله‭ ‬جرعته‭.. ‬جرعته

مو‭ ‬كل‭ ‬ورد‭ ‬سموه‭ ‬ورد‭ ... ‬والريحة‭ ‬طيبه‭.. ‬طيبه

يصير‭ ‬ورد‭ ‬مو‭ ‬خوش‭ ‬ورد‭ ... ‬راسك‭ ‬يشيبه‭.. ‬يشيبه

وردٍ‭ ‬الزرعته‭ ‬خوش‭ ‬ورد‭ ... ‬بيدي‭ ‬زرعته‭.. ‬زرعته

من‭ ‬دجله‭ ‬والفرات‭ ‬يبه‭ ... ‬مايّه‭ ‬انا‭ ‬جبته‭.. ‬انا‭ ‬جبته

يجدر‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬كلمة‭ ‬“خوش”‭ ‬تعد‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬اللهجة‭ ‬العراقية‭ ‬المحلية‭ ‬وقد‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬مألوفة‭ ‬للناطقين‭ ‬باللهجات‭ ‬العربية‭ ‬الأخرى‭. ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬من‭ ‬يختم‭ ‬بها‭ ‬جملته‭ ‬دائماً‭ ‬مثلاً‭: ‬اليوم‭ ‬لعبن‭ ‬خوش‭ ‬لعب،‭ ‬او‭ ‬بمعنى‭ ‬يعتمد‭ ‬عليه‭ ‬فنقول‭ ‬أحمد‭ ‬خوش‭ ‬زلمة،‭ ‬وبمعنى‭ ‬مؤدب‭ ‬فنقول‭ ‬أحمد‭ ‬خوش‭ ‬ولد،‭ ‬و‭ ‬“خوش”‭ ‬تستخدم‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬الإعجاب‭ ‬أو‭ ‬الرضا‭ ‬تجاه‭ ‬شيء‭ ‬ما‭ ‬وتعني‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬“جميل”‭ ‬أو‭ ‬“رائع”‭ ‬أو‭ ‬“حلو”‭ ‬في‭ ‬اللهجة‭ ‬العراقية‭. ‬كما‭ ‬ويمكن‭ ‬استخدامها‭ ‬لوصف‭ ‬الأشياء‭ ‬المختلفة،‭ ‬مثل‭ ‬الطعام‭ ‬اللذيذ،‭ ‬الموقف‭ ‬الممتع،‭ ‬المظهر‭ ‬الجميل،‭ ‬الأشخاص‭ ‬اللطفاء‭ ‬وغيرها‭. ‬مثال‭ ‬ذلك‭: ‬هذا‭ ‬خوش‭ ‬اكل،‭ ‬أحب‭ ‬طعمه‭ (‬يعني‭: ‬هذا‭ ‬الطبق‭ ‬لذيذ،‭ ‬أحب‭ ‬طعمه‭)‬،‭ ‬الحفلة‭ ‬كانت‭ ‬خوش‭ ‬حفلة‭ (‬يعني‭: ‬الحفلة‭ ‬كانت‭ ‬رائعة،‭ ‬استمتعت‭ ‬بالموسيقى‭ ‬والأصدقاء‭)‬،‭ ‬أو‭ ‬مثلا‭: ‬خوش‭ ‬إنسان‭ (‬إنسان‭ ‬جيد‭)‬،‭ ‬راح‭ ‬أجيئك‭ ‬العصر‭.. ‬خوش؟‭ (‬سوف‭ ‬آتيك‭ ‬عصراً‭.. ‬فهل‭ ‬اتفقنا‭)‬،‭ ‬أني‭ ‬أعلمك،‭ ‬خوش‭: ‬وهنا‭ ‬تأتي‭ ‬للوعيد‭: (‬الويل‭ ‬لك‭ ‬مني،‭ ‬هل‭ ‬فهمت‭).‬

إذن‭ ‬كلمة‭ ‬خوش‭ ‬تأتي‭ ‬بعدة‭ ‬معاني‭ ‬ومعناها‭ ‬جيد‭ ‬أو‭ ‬رائع‭ ‬أو‭ ‬زين،‭ ‬وتستخدم‭ ‬أيضاً‭ ‬للتشجيع‭ ‬على‭ ‬اكمال‭ ‬الحديث‭ ‬أو‭ ‬العمل‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬الفرد،‭ ‬ومستخدمة‭ ‬بكثرة‭ ‬في‭ ‬اللهجة‭ ‬العراقية‭ ‬الدارجة،‭ ‬وهي‭ ‬مفردة‭ ‬عاميه‭ ‬بامتياز‭ ‬وعراقية‭ ‬صرفه‭ ‬ويستخدمها‭ ‬احياناً‭ ‬اهل‭ ‬الخليج،‭ ‬اما‭ ‬المصريون‭ ‬فيقولون‭ ‬‭(‬كويّيس‭) ‬والشاميون‭ (‬منييح‭)‬،‭ ‬بمعنى‭ ‬جيد‭ ‬أو‭ ‬تمام‭.‬

في‭ ‬العدد‭ ‬القدم‭ ‬من‭ ‬مجلة‭ ‬اخبار‭ ‬الكلدان‭ ‬سنقدم‭ ‬نبذة‭ ‬عن‭ ‬اللوحات‭ ‬الفنية‭ ‬والمعروضات‭ ‬التأريخية‭ ‬التي‭ ‬ستحتويها‭ ‬جدران‭ ‬واروقة‭ ‬بناية‭ ‬مؤسسة‭ ‬الجالية‭ ‬الكلدانية‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬ويست‭ ‬بلومفيلد‭.‬

المصادر‭: ‬كتاب‭ ‬حضارة‭ ‬بابل‭ ‬وآشور‭ (‬غوستاف‭ ‬لوبون‭)‬،‭ ‬مختصر‭ ‬تاريخ‭ ‬العراق‭ ‬القديم‭ (‬تاريخ‭ ‬ميزوبوتاميا‭)‬،‭ ‬الكاتب‭ ‬والتاريخي‭ ‬أحمد‭ ‬لفتة،‭ ‬هاوي‭ ‬علم‭ ‬الآثار‭ ‬د‭. ‬فارس‭ ‬الحسيني،‭ ‬كتاب‭ ‬مغامرة‭ ‬العقل‭ ‬الأولي‭ ‬–‭ ‬دراسة‭ ‬في‭ ‬الأسطورة‭ ‬الجزء‭ ‬الثاني،‭ ‬موقع‭ ‬إنقاذ‭ ‬القافة‭ ‬العراقية،‭ ‬ويكيبيديا‭ ‬الموسوعة‭ ‬الحرة‭.‬