جسر دلالي - أسطورة الفتاة الضحية - دلال
بقلم: د عضيد ميري
تُعتبر الجسور والأقواس القديمة معالم تاريخية حية ومهمة في الأماكن التي شُيدت فيها، فهي ليست مجرد طرق للعبور والتنقل بين ضفتي نهر، بل لعبت دورًا مهمًا في تذليل العقبات أمام التواصل البشري بين الأصدقاء والأعداء على مر العصور، ولذلك، فهي تؤثر بشكل كبير في تشكيل الثقافة، والتاريخ، والجغرافيا، وكنز ثمين للأساطير. كانت الجسور المقوسة تنتشر في جميع أنحاء الإمبراطوريات العثمانية والرومانية السابقة، من البوسنة إلى العراق. ونظرًا لطبيعة مهنة البناء بالحجارة التي تتطلب الخبرة والتنقل واستعمال المعدات الثقية، كان البناؤون وخاصة الرومان يسافرون إلى أماكن بعيدة مثل بلاد فارس لتشييد أكبر الجسور وأبعد الطرقات.
مدينة زاخو تقع زاخو شمال دهوك في إقليم كردستان العراق وعلى بُعد 53 كيلومترًا منها، وتبعد 10 كيلومترات من الحدود التركية، و25 كيلومترًا من الحدود السورية، و115 كيلومترًا من الموصل، ويحيط بها من الشمال جبال جودي، التي شهدت طوفان نوح العظيم، ولذلك فهي تحمل أهمية دينية وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم والإنجيل. وفي مدينة زاخو، يقع (جسر دلال) وهو نموذج فريد للجسور ومبادرة هندسية تاريخية قل نظيرها، ويعد من أبرز المعالم الأثرية في محافظة دهوك والعراق، وقد صمد شامخاً في وجه قسوة الطبيعة وفيضانات نهر الخابور العنيفة التي كانت وما زالت تجتاح هذه المدينة الجميلة على مر التاريخ، ونهر الخابور هو أحد روافد نهر دجلة، ينبع من تركيا ويمر في وسط المدينة قاسمًا إياها إلى ضفتين يربط بينهما جسر دلال.
جسر زاخو يُطلق على جسر زاخو عدة أسماء فهو أحيانًا الجسر العباسي، أو جسر دلال، أو بيرا دلال، أو كًيشرا. ويُرجّح أنه بُني لأول مرة في العصور القديمة، مع إعادة بناء لاحقة في العصور الوسطى. يُساهم الجسر في التعريف بتاريخ المدينة وتراثها، كما أنه يُعدّ رمزًا تراثياً وهويةً مميزة لها. ولذلك اعتمدت جامعة زاخو جسر بيرا دلال شعارًا رسميًا لها، وحذت المجالس البلدية حذوها، وأصبح جسر بيرا دلال ومدينة زاخو وجهين لعملة واحدة من حيث التاريخ والتراث والجغرافية. يُعدّ هذا الجسر الممتد بين ضفتي نهر الخابور أحد أشهر المعالم الأثرية في إقليم كردستان، وتحديدًا في زاخو، التي هي آخر نقطة جغرافية شمال الإقليم على الحدود مع تركيا. غالبية سكان زاخو من الكرد، مع وجود أقليات أخرى قليلة، من بينهم العرب، والكلدان، والآشوريون، والسريان، كما أنها مدينة تتسم بالتعددية الدينية، حيث يعيش المسلمون والمسيحيون فيها بسلام. يبلغ طول الجسر 114 مترًا، وارتفاعه 15.5 مترًا فوق سطح النهر، وعرضه 4.70 مترًا ويتكون من خمسة أقواس يمر من تحتها نهر الخابور. وقد بُني من الجير والحجارة الصلبة المحلية المنحوتة بأحجام مختلفة، والتي تميل إلى اللون الترابي الطبيعي الأصفر. وبُني باستخدام الحجر الجيري من المناطق القريبة، وتمت دراسة ذلك بأخذ عينة من المواد المستخدمة في البناء وإرسالها إلى جامعة هايدلبرغ في ألمانيا.
تاريخ بناء الجسر هناك العديد من القصص حول بناء الجسر. وتُعدّ قصص بنائه أقرب إلى الأسطورة منها إلى الحقيقة. ووفقًا لعلماء الآثار المحليين، “يندر حاليًا تصميم جسر مماثل لجسر دلال في العالم من حيث هندسته وأسلوب بنائه” ولا تزال طريقة بناءه وتفاصيله المعمارية مجهولة لدى علماء الآثار، فوفقًا لبعض المتخصصين يعود تاريخ بنائه إلى العصر البيزنطي الروماني الشرقي، أي قبل حوالي 1520 عامًا. هناك روايات تاريخية متضاربة حول بناء الجسر، ووفقًا للمصادر التاريخية، بُني الجسر لأغراض تجارية وعسكرية إذ كانت منطقة زاخو ممرًا للقوافل التجارية والحملات العسكرية على مر التاريخ، وأشهرها حملة القائد اليوناني زينوفون. ويعتقد أن الجسر خدم في العصور القديمة غرضين: الأول كطريق عسكري يعبره الجنود في الحروب بين الإمبراطوريتين الساسانية والبيزنطية، والثاني كطريق حرير فرعي، أي طريق تجاري دولي قديم يمتد بين الصين ووسط اسيا وأوروبا، ويمر عبر العديد من البلدان الشرق أوسطية. ومن المرجح أثريًا أنه بُني لأول مرة خلال العصر الروماني، حيث تبدو أشكال أقواسه الخمسة مشابهة جدًا لنمط العمارة الرومانية للجسور. وبسبب موقعه الجغرافي يشهد الجسر عبور الأعداء والحلفاء على حد سواء، وشهد انتصاراتهم وأفراحهم، وهزائمهم وأحزانهم، وبهذا يجسد الجسر جانباً من تاريخ زاخو الماضي وعبر العصور. يعتقد مدير دائرة الآثار في قضاء زاخو، محمد اليوسفي، أن بناء جسر دلال الأثري يعود إلى العصر البيزنطي عام 1527 في عهد الإمبراطور البيزنطي زينون، وفقاً للفحوصات الأثرية التي أجرتها مديرية آثار محافظة دهوك. وتُشير رواية أخرى إلى أن بناءه يعود إلى العصر الإسلامي (العصر العباسي الأول في القرن الثامن الميلادي). ولكن للأسف، لا تحمل حجارة جسر دلال أي نقوش أو كتابات أو رموز تساعد المؤرخين وعلماء الآثار على تحديد عمر الجسر بدقة، وبالتالي، يبقى هذا الموضوع محل جدل تاريخي مستمر.
زاخو ونهر الخابور يرتبط أهالي قضاء زاخو ارتباطًا وثيقًا بجسر دلال، إذ يُعتبر الجسر رمزًا لتاريخ المدينة منذ القدم، وله عدة أسماء شائعة، منها (الجسر الحجري، والجسر الكبير، وجسر زاخو، والجسر العباسي، وجسر دلال وبيرا دلال). وقد جاءت هذه الأسماء من قصص وروايات شعبية متعددة، شكلت نوعًا من التاريخ الاجتماعي الشفهي المتوارث عبر الأجيال، وأشهرها الأسطورة التي استمد منها الجسر اسمه الأكثر شهرة (دلالي). ويعتبر أهالي زاخو “جسر دلال” فخر مدينتهم ومن أبرز المعالم السياحية في المنطقة، على الرغم من وجود العديد من المواقع السياحية الأخرى ويقصده الزوار من وسط وجنوب العراق، ومحافظات الإقليم، وأحيانًا من دول أجنبية، ويشعر الزائر عندما يرى حجارة “جسر دلال” المرصوفة بدقة متناهية وكأنه يتنّقل في رحلة زمان صوب قرون مضت. غالباً ما يؤكد المسؤولون المحليون وخبراء الآثار على ضرورة زيارة جسر دلال عند زيارة هذه المدينة، فهو معلم استثنائي ذو قيمة تاريخية عظيمة، وهو ما تؤكده أيضاً الدراسات الصادرة عن دائرة الآثار، وقامت حكومة إقليم كردستان بترميم أجزاء منه في عامي 2017 و2019 وفقاً للتوجيهات الأثرية وتوصيات المشرفين الدوليين، وباستخدام تقنية المسح الليزري لأول مرة في العراق. وقد تكللت هذه الجهود بالنجاح في ترميم أجزاء من الجسر كانت مدفونة منذ ثمانينيات القرن الماضي، وبناء مدرج روماني مصغر لاستيعاب أكبر عدد ممكن من السياح.
ماذا يعني اسم دلال؟ في اللغة العربية، يحمل اسم “دلال” عدة معانٍ مختلفة، ترتبط أساسًا بالمودة والحنان والمحبة، وكذلك القلب على مر التاريخ، وكان هذا الاسم يُطلق عادةً على الفتيات، ويدل على كل امرأة تتميز بالأناقة والحيوية والبهجة. وبالمعنى الحرفي، يعني الاسم “الترف”، مما يوحي بشخصية تحب الدلال وتبدو مترفة. بالإضافة إلى ذلك، يحمل اسم دلال دلالة على الإعجاب والفخر، مما يشير إلى امرأة ملهمة تحظى بتقدير كبير، وهذا التنوع في المعاني يجعل اسم دلال فريدًا ويتمتع بأهمية ثقافية كبيرة في الثقافات العربية والمحلية.
أسطورة الفتاة الضحية تنتشر أسطورة شعبية حول هذا الجسر وبنائه منذ القدم ويُقال إنه كلما شرع البناؤون في بناء أساسات جسر دلال، كانوا يكتشفون أن كل ما بنوه قد انهار ولم يبقَ له أثر في الصباح، فيكررون العملية، ولكنه ينهار في صباح اليوم التالي دون أي سبب منطقي، إذ كان المهندس المعماري يبدأ عملية البناء ببناء طرفي الضفتين أولاً ثم محاولة ربطهما في المنتصف بقوس كبير، وبهذه الطريقة، كان الجسر ينهار في كل مرة قبل أن يصل المهندس إلى المنتصف مما أثار حيرة الجميع! وبسبب ذلك أمر الحاكم المحلي بوضع قوة عسكرية كبيرة لحراسة الجسر ليلاً ونهاراً، ولكن ذلك لم يُجدِ نفعاً، ففي كل صباح جديد، كان ما بُني بالأمس يتحول إلى أنقاض! وبعد تكرار الفشل الهندسي، قرر مهندس البناء والمُشرف على العمل سماع نصيحة أحد العقلاء المحليين واستشار مُنجماً حول هذا السر والسحر الهندسي الكامن وراءه؟ فأخبره المنجم أن هذا المشروع الكبير يحتاج إلى تقديم قربان ثمين، يجب أن يُدفن وأن مخلوقاً حياً في أساس الجسر لضمان استقراره، ويجب أن يُختار أول شخص يحاول عبور النهر في الصباح الباكر، ويدفن في منتصف الجسر لإتمام البناء بنجاح. اجتمع البنّاء بمستشاريه ومساعديه وقرر أن ينام تلك الليلة بالقرب من الجسر وأن يستيقظ عند الفجر للمراقبة ، وأن يكون أول مخلوق يأتي إلى المكان، أياً كان هو القربان وفق توصية ونصيحة المُنِجم! ويقال انه في صباح اليوم التالي، حصل المستحيل وجاءت حفيدة البنّاء الى صوب النهر لتجلب له الفطور كالعادة بينما كان منشغلاً ببناء الجسر، وشاهد البنّاء كلباً يقترب، تتبعه فتاة صغيرة تحمل كيساً من الطعام، إذ كانت دلال تتقدم بخطاها الواثقة، وتتمايل ضفائرها الذهبية، سعيدةً بلقاء جدها، الذي اطمأن قليلاً عندما رأى الكلب يقترب صوب الجسر أولاً ويتقدم مسافة عن الصغيرة دلال، التي هي أعزّ بناته وحفيداته. ولكن فجاءة توقف الكلب أمام كومة من القمامة يبحث عن شيء ما، ورويداً وصلت دلال إلى مكان الكلب ومرّت بجانبه بينما كان لا يزال منشغلاً بعظمة لحم، ولشدة دهشتهم لم يستطع الحراس مناداتها أو منعها من الاقتراب، وأرادوا الصراخ، لكن أصواتهم اختنقت! وتجمد الدم في عروقهم وعروق البنّاء عندما رآها تقترب صوبهم، وحاول النهوض والركض نحوها، لكن ساقيه تجمدتا وكأنهما مشلولتان. والمصيبة أن دلال وصلت أولاً، وفزعت عندما تقدم بعض الحراس لاعتقالها حسب نصيحة المُنَجم، وسقط كيس الطعام من يدها الصغيرة، ولم تفهم شيئاً عندما ربطوها ووضعوها في مكان ما تحت أحد أعمدة الجسر، وبدأ العديد من العمال بوضع حجارة ثقيلة عليها ودفنها، ولم تنفع صرختها واستغاثتها، وتوقف الصوت والنفس وكل شيء بعد وقت قصير. اضطر البنّاء هنا إلى تطبيق كلام الساحر بتقديمها قرباناً لإتمام البناء بنجاح، ومنذ تلك اللحظة، تمكن البناؤون والعمال من إنجاز عملهم على أكمل وجه، وتم بناء الجسر وإتمامه. ولا يزال أهل المنطقة، يسمّون الجسر “دلال” تيمناً باسم ابنة زاخو التي قُدّمت قرباناً وضحية، ويقال ان صوتها العذب لا يزال يُسمع كل فجر ممزوجاً بتغريدات الطيور وزقزقات العصافير. وهذا هو السبب (الأسطوري الروائي) الذي يجعل سكان مدينة زاخو يعرفون الجسر باسم جسر دلال.
أساطير أخرى في رواية ضمن اسطورة زاخو، تبرز بعض التفاصيل الدراماتيكية المثيرة للاهتمام سيما عندما يرى البنّاء حفيدته دلال تعبر الجسر، وكلبها يتخلف عنها، فيُغمى عليه، ويضطر الناس إلى إقناعه وإجباره على الكشف عن سبب حزنه وتكملة قصته الحزينة. وفي تحوّل مثير في القصة، تعهد أمير بوهتان (منطقة آشورية قرب ماردين في جنوب تركيا)، والذي كان قد أمر ببناء الجسر، بقطع يد البناء اليمنى إذا نجح في البناء، ويبتر كلتا يديه إذا فشل حتى لا يتمكن من بناء جسر مثل له أو أفضل في المستقبل. ووفقًا لرواية اشورية عن ملحمة الجسر، فيقال إنها قصة حب ازلي بين زوج وزوجته، إذ عندما وصل زوج دلال إلى زاخو وعلم بمصير زوجته، انتابه حزن شديد، وفي غمرة حزنه، أخذ معولاً وبدأ يحفر تحت الجسر، وبينما كان منشغلاً بهذا العمل، سمع صوت زوجته المدفونة دلال يأمره بالتوقف عن الحفر، موضحةً له أنه بأفعاله، ومهما كانت نواياه حسنة، كان يُوجعها ويؤذيها جسديًا بمعوله، وأخبرته أيضًا أنها ترغب في الاستمرار في دعم الجسر بذراعيها الممدودتين والبقاء هناك فيه إلى الأبد. وبذلك أصبحت دلال كائنًا خارقًا، وبقيت شخصيتها وقدرتها على التحمل والاختيار وقبول مصيرها اسطورة خالدة، ولهذا السبب توقف الزوج في النهاية عن النحيب وقبل بمصيره ومصير دلال. وتنتشر روايات مختلفة لنفس الأسطورة في ألبانيا، وصولاً إلى رومانيا، إذ تحكي الأساطير عن زوجة كبير البنائين، التي رثت مصير دلال، وفقدان أختين بنفس الطريقة، إحداهما في جسر على نهر الدانوب، والأخرى على نهر الخابور! وارتبطت القصة الملحمية والحزينة للفتاة دلال التي منحت هذه القصة الأسطورية لجسر بيرا دلال بُعدًا إنسانيًا، وألهمت العديد من الأغاني في ماردين/تركيا، وحلب/سوريا، والموصل/العراق، وإقليم كردستان العراق، وأماكن أخرى، مع بعض الاختلافات في الحبكة، ويُشار إليها في المزيج التراثي الغنائي الكلاسيكي لماردين/والموصل. أغنية أوي دلال الفولكلورية تحبون الله ولا تقولون ...سعاد كن ماتت اوي اوي دلال” قد يتفرق الناس اليوم بسبب الجغرافيا والتاريخ والسياسة، ومع ذلك فهم يتشاركون في الفولكلور والقصص والأغاني التي تعكس المعاناة الإنسانية والإبداع البشري على حد سواء. وهناك العديد من الروايات المماثلة والمرشحة لقصة الفتيات اللاتي ضُحي بهن.
وأغنية “أوي أوي دلال” هي أغنية معربة من مدينة ماردين التركية، تحكي قصة حب كلاسيكية بين ساعي بريد فقير يُدعى “دلال” وفتاة جميلة اسمها “سعاد”، كانا يعيشان في مدينة ماردين التركية، التي كانت نقطة عبور للعديد من المهاجرين. وحدث أن سمع والي إسطنبول حينذاك، “شوكت باشا”، عن سعاد وجمالها الأسطوري، وأخبرته حاشيته أنها تحب ساعي بريد فقير يُدعى “دلال”، فقرر الوالي أن يتقدم لخطبتها، لكنها رفضته. أصيب الوالي بنوبة جنون، وشعر بإهانة بالغة، وغضب بشدة من رفضها، فأمر رجاله بإحضار (ساعي البريد دلال) إليه تحت الحراسة وسجنه بتهمة ملفقة، وحُكم عليه بالسجن لمدة عامين. وتقدم الوالي لخطبة سعاد مرة أخرى، وفي هذه المرة لم يكن أمام والدها خيار سوى تزويجها، خاصة بعد اختفاء خطيبها دون أثر، ورجحت الشكوك أنه قد مات. بعد ذلك، انتشرت شائعات في ماردين بأن سعاد قد ماتت من شدة الحزن والأسى بعد أن علمت بوفاة “دلال” أيسّت وبكت بحزن لا ينتهي على فقدان حبيبها المسكين. ولتتعقد هذه المحنة اكثر، خرج دلال من السجن، وسأل عن حبيبته سعاد فقيل له إنها ماتت، فجنّ الشاب، وفقد عقله من هول المصيبة، وراح يتجول في الشوارع، والدموع تنهمر من عينيه، والألم يعتصر قلبه، يتوسل إلى الناس ويغني: (بمحبة الله لا تقولون... سعاد كن ماتت.. يا ويلي يا دلال) بمعنى (إذا كنتم تحبون الله، فلا تقولوا إن سعاد ماتت ..... فيا للوهم، يا للوهم -الوهم يعني الكذب) أصبحت أغنية “أوي أوي دلال” أغنية كلاسيكية شهيرة بألحان مختلفة تُغنى بلهجة اهل الموصل. ثم قام الموسيقي اليهودي العراقي صالح الكويتي بتطويرها، وغيّر بعض كلماتها، وأعطاها للمغنية الشهيرة سليمة باشا مراد لتغنيها في الملاهي الليلية وانتشرت الأغنية على نطاق واسع في بغداد وأسرت قلوب جميع العراقيين ومازالت حتى يومنا هذا.
تحبون الله ولا تقولون دخيل الله ولا تقولون سعاد كن ماتت اوي اوي دلال سعاد ما ماتت عيني دلال
على ضووك يا قمر على ضووك يا قمر تفاح حلو حشنا عيني دلال تفاح حلو حشنا دلال اوي دلال
ومن الصبح للمسا ومن الصبح للمسا وخدود حمر بسنا عيني دلال وخدود حمر بسنا عيني دلال
سعاد كن ماتت عيني دلال سعاد وما ماتت دلال اوي دلال
بير دلال - جسر العشاق والأقفال يُعد جسر دلال تحفة معمارية ومعلمًا أثريًا مميزًا في محافظة دهوك. يزوره يوميًا مئات السياح من مختلف المحافظات العراقية والمناطق الأخرى للاستمتاع بجماله. يُمثل هذا الجسر رمزًا للوصل بين الأحبة، تمامًا كما ربط ضفتي النهر لآلاف السنين، منذ وان كان معبرًا للجيوش والقوافل التجارية والبعثات التبشيرية تروي الأساطير المحلية قصة رجل نبيل عاش على ضفة النهر خلال العصر العباسي، وكان يُحب فتاة تسكن على الضفة الأخرى. ولرغبته في رؤيتها باستمرار، بدأ ببناء هذا الجسر ليكون ملتقى للعشاق أصبح الجسر أيقونة تجمع العشاق في لقاءاتهم، ويجذب المتزوجين حديثًا لالتقاط الصور التذكارية، ليصبح جسر دلال جزءًا من ذكرياتهم. يزور العديد من العشاق هذا الموقع لتعليق أقفال تحمل رموز أسمائهم تعبيرًا عن الوفاء والارتباط الروحي الأبدي. كما احتل الجسر مكانة بارزة في أعمال الشعراء والفنانين في المنطقة. ستبقى أساطير جسر بيرا دلال محفورة في ذاكرة أهل زاخو، وجزءًا لا يتجزأ من تاريخ مدينتهم العريقة، وتُقدم لنا هذه الأساطير نوعًا من تاريخ المعتقدات الاجتماعية، وهي مفيدة من هذا المنطلق لمعرفة التاريخ الاجتماعي للحياة اليومية للبسطاء في مدينة زاخو وقصتهم مع جسرهم عبر العصور إذ أنه ليس مجرد أكوام من الحجارة المتناسقة، بل هو تجسيد لأفكار وأفعال ومشاعر الناس الذين بنوه وعاشوا بجواره منذ القدم وتحفة هندسية رائعة مستوحاة من الطبيعة، ويجسد العلاقة بين الجغرافيا (النهر) والتاريخ (البناء، وأهل زاخو، وقصتهم معه) واليوم، يُكرم سكان زاخو، وخاصةً الآشوريين والكلدان والكرد، ذكرى شجاعة وتضحية بنت زاخو (دلال) بزراعة نبتتين طويلتين في إحدى الفجوات بين الحجارة على جانبي الجسر، ويطلقون عليهما اسم “ضفائر شعر دلال”. المصادر: ويكيبيديا، الدكتور قباد شيخ نواف - قناة زاغروس التلفزيونية، آي كيو نيوز، ساجا شيرزاد، أمين يونس، جامعة كامبريدج، وكالة آينا - الوكالة الآشورية الدولية.